Friday, 2 September 2016

بين عصر السرعة و عشق التفاصيل

 مفيش حد فينا يقدر يقول إننا مش في عصر السرعة, كل حاجة في حياتنا بقت بسرعة، التطور اللي احنا عايشينه خلى كل حاجة بقت سهلة و بسيطة، الدنيا بتجري و الوقت بيعدي هوا، الحب، و الجواز، و الصداقة، كل حاجة، بس السؤال هنا بقى، يا ترى إحنا مبسوطين؟ حاسين بالحياة اللي احنا عايشينها؟ مستطعمين بيها؟ ولا تايهين في الدنيا و دوشتها، و مش بنحس إلا و اليوم بيخلص، و الأسبوع بيمر، و السنين بتعدي

العلاقات بتبدأ بدردشة على الفيس بوك و تنتهي ببلوك، بنعزي و نبارك بلايك، و نعيّد على بعض ببرودكاست، نعمل جروب عشان نتفق على خروجة، و في الآخر أيام الأسبوع كلها ماتنفعش، و نتفق على إننا لازم نظبط حاجة قريب، و نشوف بعض على ،خير إنشاء الله، و حتى لو نجحت المحاولة و اتجمعنا، ساعات كتير نلاقي نفسنا بنقول كلام رتيب عشان نغطي بيه على غرابة القعدة، و ده طبعا في حالة إننا قاعدين بنتكلم يعني، مش ماسكين الموبايلات، و مش بنبص حتى لبعض، ساعتها بنبقى عايزين نسأل نفسنا: طالما القعدة كدة، إحنا نزلنا ليه ؟

ناس كتير أوي فعلا مش سعداء، بس بقوا بيداروا تعاستهم أو وحدتهم  من خلال العالم الإفتراضي ده، بس عشان نقنع الناس إننا مبسوطين، بس المهم إن كل ده يخلينا إحنا نصدق إننا مبسوطين

لكن جرب بقى في وسط قعدة من اللي كله ماسك فيها الموبايلات دي، و فكّر اللي قاعدين معاك بموقف قديم، ضحكة يوم ضحكتوها من قلبكوا، أو يوم حلو من بتوع زمان، مش حاتكمل الجملة إلا و تلاقي كل اللي معاك فاقوا مرة واحدة، و فضلوا يفتكروا حاجات بقالها سنين و سنين

فرحتك و إنت نازل تجيب شنطة المدرسة، الجومة اللي بريحة الفراولة، المسطرة اللي جواها مية و نجوم، الأقلام الملونة و فرحة أول مرة نكتب بالقلم الجاف، الطباشير الملون و الوقفة عالفصل

ليلة الرحلة اللي ماكنش بيجيلنا فيها نوم، كيس الحاجات الحلوة و السندوتشات، بطنك اللي توجعك من الضحك، و رجوع كل واحد بيته و صوته رايح من الغنى في الباص، الدرجات الوحشة في الإمتحانات، و المقالب اللي كنا بنعملها في بعض، حتى التزنيب اللي كان بيقلب بضحك

 شريط عمرو دياب، أيوة شريط، ماهو زمان ماكنش في " سي دي " ولا أغاني بتنزل على النت، أغاني عمرو اللي كنا بنستناها كل صيف لحاد ما بقت مرتبطة عندنا بمواقف، و ذكريات، و وشوش، عمرو دياب ده عمل تاريخ كل واحد من جيلنا، لحاد ما فعلا بقينا بنأرخ كل أحداث حياتنا و حواديتنا تبعا لأغانيه

الصيف كان ليه طعم تاني، اللمة عشان رايحين البحر، و المية اللي كنا مابنطلعش منهل غير بالخناق، السهر للفجر، و لعب الأفلام، و بنك الحظ، و الأونو

الفرحة بلبس العيد، و يوم الوقفة لما كان تليفون البيت يفضل مشغول عشان أمهاتنا بيعيّدوا على القرايب و الجيران، و تكبيرة الصلاة، لمة يوم الجمعة في بيت العيلة، و أول يوم في رمضان، بكار، و سلاحف النينجا، و بوجي و طمطم، المسلسلات الراقية بتاعة زمان، زيزينيا، و هوانم جاردن سيتي، و الضوء الشارد، دقة المسحراتي و طعم القطايف من إيد جدتك، عمك اللي علمك السواقة، و خالتك اللي كانت بتخليكي تحطي ماكياج من عندها

حاجات كتير أوي لو سبت نفسك تفتكرها، حاتلاقي نفسك مش عارف تبطل ضحك، و عينك عمالة تدمع، بس بتبقى مش عارف دي دموع من الضحك، ولا دموع على الأيام اللي راحت و مش راجعة

لو ركزت شوية حاتلاقي إن التفاصيل الصغيرة دي هي اللي كانت عاملة لحياتنا طعم، و حس، و روح، و إن حياتنا دلوقتي رغم كل الرفاهية اللي فيها بس خاوية و فاضية، زي بير المية في وسط الصحرا، تفتكره خير وفير، و في الآخر يطلع مسموم، قدامك، بس لا يبل الريق ولا يروي عطش، عيشة ناعمة تفتكرها ألماظ بيضوي، تقرب منها تلاقيها إزاز و فالصو

مش عارفة إيه العلاقة، بس تحس إن مع تطور الدنيا، الخير بيقل، و الروح بينقص منها حتة،تعالى شوف أيام جدودنا،يمكن ماكنش عندهم كل التسهيلات إللي عندنا دلوقتي، بس كانوا مبسوطين بجد، جرب كدة تقعد جنب جدك أو جدتك و تسمع حكاياتهم زمان، يمكن حاتحس قد إيه حياتهم كانت بسيطة بالمقارنة بحياتنا دلوقتي، بس كمان حاتشوف في عينيهم لمعة واضحة و حنين لأيام هما فعلا كانوا محظوظين بيها، ساعتها حاتحس بسحر غريب يخوّفك لا في يوم تبقى قدهم و في مكانهم، بس عينيك مطفية و مش لاقي حاجة تحكيها

مهما كانت الدنيا واخداك، و بعدت عن أهلك و صحابك القدام، لو سبت نفسك لذكرياتك، و رجعت تفتكر، حاتلاقي نفسك فاكر، فاكر كل حاجة، الأيام و التواريخ، كل حاجة محفورة، الأيام دي هي اللي خليتنا الأشخاص اللي إحنا عليها دلوقتي، و هي كمان اللي بتخلينا نستحمل الأيام الصعبة اللي إحنا عايشينها، و في وسط كل المشاكل و الهم اللي شايلينه، نفتكر و نضحك، نضحك كتير

ماتخليش الحياة الزاهية الملونة تسرق عمرك، و تنسيك إن الأيام دي ألوانها قشرة، مهما كانت أيامك صعبة، ضيف عليها من طعمك إنت، لو مالهاش طعم، إزرع فيها من روحك، و إعشق التفاصيل، إعشقها و حسّها بكل حاجة فيك و لحد آخر نفس، و إن مالقتلهاش تفاصيل، إخلقها إنت بإيديك، إخلقها عشان تعرف تعيش

























No comments:

Post a Comment